العدد الأولدراسات

منظومة في علل الزحاف

منظومة في علل الزحاف
لبرهان الدين القيراطي
(توفي سنة 781هـ)

تقديم وتحقيق: عمر ماجد السنوي

صادَفَني أثناء العمَل في مَخطوطةٍ مِن مَخطوطات عِلْم العَروض، أنّها اشتملَتْ على عدَدٍ مِن الاسْتشهادات، وعندَ الوصول إلى مرحلة تخريجها، كنتُ أجد عددًا منها يعود إلى كتابٍ أو جزءٍ ما يزال في عداد الكتب المخطوطة، حبيسة الخزائن، بعيدة المنال، أو عسيرة المطالعة والتداول.

حينها أدركتُ حجم التقصير الحاصل في العناية بالتراث العربي المخطوط في مجال عِلم العَروض، وهو عِلمٌ عربي خالص، للعلماء فيه نظَرات وآراء وتحقيقات علمية دقيقة، وما زال التطوير فيه إلى يومنا هذا قائمًا على ساقه.

من هنا تأتي أهمية العناية بتراث هذا العِلم وأهله، فلا يكون التطوير حقيقيًّا في أيِّ علمٍ كان، إلا بعد إشباع القديم بحثًا ودراسة.

وبين أيدينا اليوم أثرٌ تراثيٌّ جليل لِعالمٍ نبيل في فَنٍّ جميل، لقيَ بعضَ العناية ممّن جاء بعده، وعن طريق هذه العناية وصلَ إلينا، وإلّا كان من جملة ما ضاع ممّا ضاع من تراثنا العظيم على أيدي الغاصِبين أو الجُهّال، أو جَرّاء الكوارث والإهمال.

تَعريفُها:

هذا الأثر هو منظومة شعرية مِن نظْم برهان الدين القيراطي، بَناها على بحر البسيط، وجعل حَرفَ رَويّها هاءً مضمومة، وعدد أبياتها ستة عشر بيتًا. وليس يُعرَف لهذه المنظومة اسمٌ أو عنوان، إلا ما قيل في موضوعها، وهو: (علل الزحاف) وبخاصة الزحاف المنفرد.

هذه المنظومة وقفتُ عليها ابتداءً أثناء عملي في تحقيق كتاب «المقصد الوافي بالعَروض والقوافي» لشهاب الدين القازاني (من أعلام القرن الحادي عشر الهجري)، إذْ أورَدَها كاملةً في الباب الأول من كتابه، وقام بشرحها وتتميمها بثمانية أبيات.

وحين أردتُ توثيق المنظومة، لم أتمكن من العثور عليها في أيّ كتاب سابق -في حدود اطلاعي وبحثي-، ولكني وجدتُها مفردةً في ورقة مخطوطة ضمن مجموعٍ خطيّ؛ فلمّا طالعتُها وجدتُها تشتمل على الأبيات التي ذكرها القازاني إضافة إلى تتمتها الَّتي أتمَّها هو في كتابه، ونَسبَها الناسخُ كلَّها إلى برهان الدين القيراطي.

والمَخطوطة لا يتجاوزُ تاريخُ كتابتها الربعَ الأول من القرن الثالث عشر الهجري، أي بعد القازاني بزمن، وهذا ما يرجِّح أنها مستلَّة من كتابه إمّا مباشرةً أو بواسطة، ولم ينتبه ناسخُها إلى أنّ التتمة من نظم القازاني لا القيراطي.

ومع ذلك فإنني في هذا التحقيق أُوردُها مع تَتِمَّتها كما في المخطوطة، لتتمّ الفائدة بذكر علل الزحاف كاملةً، مع الاستفادة من بعض ألفاظ القازاني في التقديم والتختيم والتتميم، كي يميز القارئ بين ما هو للقيراطي وما هو للقازاني.

نِسبَتُها:

هذه المنظومة لم يَذكُرها أحدٌ مِن المترجِمين للقيراطي، ولعلَّ السبب أنها لم تكن في أصْلِ وَضْعِها مستقلّةً، فلَربّما كانت في رسالةٍ ما، أو ضِمْن جوابٍ لطالبٍ، أو أنّها من بعض أماليه.

وليست هي مما تضمّنَه ديوانه «مطلع النيرين» الذي جمَع فيه شعره ونثره، ولا أعلمُها في كتابه الآخَر المسمّى «الوشاح المفصل»، كما لم أجدها فيما نقلَه عنه أصحابُ التراجم من مقطّعات ومراسلات. وله قصائد متفرقة محفوظة في بعض خزائن المخطوطات، إلا أنّ مَن يُطالع فهارسها يجد أغلب موضوعاتها تتعلّق بالمديح النبوي.

وقد وصلتْ هذه المنظومة إلى يد القازاني بطريقة نجهلها، وصار هو العمدة في نسبتها إلى القيراطي، بتصريحه وتأكيده.

مَوضوعُها:

تقدَّم القول أنَّ موضوعَها هو (علل الزحاف)، ولا يُعرَف أنّ أحدًا أفردها في نظم أو أو جزء قبل القيراطي،  ثم جاء بَعدَه بِزمَن: بَحرَق الحَضرميّ (ت: 930هـ) فنظَمَ أرجوزةً لِحصر علَل الزحاف جميعِها، في عشرين بيتًا، وهي ضمن المجموع الخطي نفسه الّذي به منظومة القيراطي، ثم توالت المنظومات والمصنفات في ذلك من بعدهما.

والزحافات والعلل يُقصَد بها في مصطلح العروضيين بإجْمالٍ: أنها التغييرات الحادثة في تفعيلات البيت الشعري([1]).

وسُمِّي الزحاف من الزحف، أي: المشي قليلًا قليلًا إلى الشيء، أو المشي الثقيل؛ فكذلك الزحاف في الشعر إذْ يَسقط مما بين حرفين حرفٌ فيزحف أحدهما إلى الآخر([2]).

والعروضيون يفرّقون بين الزحاف والعلّة، إلا أنها جاءت في المنظومةِ جملةً واحدة.

والفرقُ بينهما بإيجازٍ: أنّ الزحاف لا يُلتزَم في سائر الأبيات، ولهذا قد يوجَد في أيِّ تفعيلة من تفعيلات البيت بما فيها عَروضه وضَربه. وأمّا العلّة فإنّها تُلتزَم في سائر الأبيات، وتكون في عَروض البيت أو ضَربه، أو في كليهما. ومن الزحافات ما يُلتزَم، فيكون جاريًا مجرى العلّة، ومن العلل ما لا يُلتَزَم فيجري مجرى الزحاف([3]).

والزحاف على قسمين: منفرد ومزدوج؛ فالمنفرد: ما كان في مَوضِعٍ واحدٍ من التفعيلة، والمزدوج: اجتماع اثنتين من الزحافات المنفردة في تفعيلة واحدة([4]).

وعلل الزحاف المنفرد الّتي ذكرها القيراطي هي بحسب ورودها: الخبن، والطي، والقبض، والكف، والإضمار، والعضب، والوقف، والخرم، والوقص، والعقل، والكسف، والحذف، والقصر، والقطع، والتشعيث، والحذ، والصلم.

واستدركَ عليه القازاني من المنفرد: القطف.

أما علل الزحاف المزدوج فقد ذكرَها القازاني تتميمًا، وهي بحسب ورودها: الشَّكْل، والنقص، والخبل، والبتر، والثرم، والقضم، والجمم، والعقص، والخرب، والشتر.

أهميتها:

إن أهمية هذه المنظومة تتصل ابتداءً بأهمية موضوعها، إذ إنّ أهمية العلل والزحافات في الشعر، كأهمية الملح في الطعام، فالطباخ الماهر يعرف متى يستعمله، وفي أيِّ طعام يضعه، والمقدار الذي يتطلّبه، والنوع الذي يناسبه؛ فإن لم يكن كذلك أفسده، وهكذا الشاعر الحقّ، فإنه يعلم حاجته من هذه العلل والزحافات، وما تُكسِب شِعرَه من جماليّات، وما تُوصله إلى المتلقّي من أحاسيس وإيحاءات.

والأهمية الأخرى لهذه المنظومة أنها من نظم أحد أعيان الشعراء، وأكابر الأدباء، وأفاضل العلماء، حتى صار أدبه حديث الناس، فاحتفوا به، وحرصوا على روايته.

ناظِمُها([5]):

هو أبو إسحاق، برهان الدين إبراهيم، ابن شرف الدين عبد الله بن محمد بن عسكر، الطائي، الطريفي، الشافعي، الشهير بالقيراطي نسبة إلى قيراط، وهي بلدة بالشرقية من أعمال الديار المصرية، والطريفي فخذ من قبيلة طيء.

وُلِد ليلة الأحد، الحادي والعشرين من شهر صفر، سنة (726هـ)، ونشأ بالقاهرة، وحفظ القرآن الكريم، وطلب العلم، ولازم علماء عصره، إلى أن برع في الفقه والأصول والعربية، وأبوه شرف الدين هو مفتي الشافعية في زمانه.

تتلمذ على أبيه، وعلى شاعر عصره ابن نباتة، وعلى ابن شاهد الجيش، وابن ملوك، وابن السراج، وابن السديد الإربلي، وأحمد بن علي المستولي، وتقي الدين السبكي، وغيرهم.

أما تلامذته، فمنهم: القاضي عزّ الدّين ابن جماعة، والقاضي تقي الدّين ابن رافع، والإمام ابْن الجَزْرِي، والحافظ زين الدين العراقي، وابنه وليّ الدّين العراقي، ونور الدين الهيثمي، وبدر الدّين البشتكي، وجمال الدّين ابْن ظهيرة، ونجم الدّين المرْجانِي، وتَقِيّ الدّين الفاسي، وَآخَرُون.

وله مطارحات ومدائح ومراسلات مع عددٍ من أعلام عصره، منهم: تاج الدّين السبكي، والصفدي، وناظر الجيش، وكثير.

وقد عُني به جماعة من أهل العلم، فانتخَب ابنُ حجر العسقلاني من ديوانه روائعَ أودعها الجزء السادس والعشرين من أجزاء تذكرته الأدبيّة([6])، وكذلك فعلَ ابن حجة الحموي فانتخب من شعره ما استجاده في كتاب مفرد سمّاه «تحرير القيراطي»([7]).

من مؤلفاته: «مطلع النيرين» وهو ديوانه الذي جمع فيه نظمه ونثره، وقد طُبع بمصر قديمًا سنة (١٢٩٦هـ). وكتابه الآخر: «الوشاح المفصل»، وهو مجموع أدبيّ، منه نسخة بمكتبة غوتا، بألمانيا، رقمها: (2168)، وقد ذكرَ الزركليّ أنه مطبوع([8])، ولكن لم أعثر له على أثَر أو معلومة تُذكر، إلا أنه حُقِّق حديثًا في بعض الجامعات المصرية.

ولم يعمَّر القيراطي كثيرًا، فقد توفي وهو في الخامسة والخمسين من عمره، ليلة الجمعة، العشرين من شهر ربيع الآخر، سنة (781هـ)، وكان مجاورًا بمكة المكرمة، ودُفِن فيها بالمعلاة بعد صلاة الجمعة.

قال عنه تقي الدين الفاسي([9]): «أديب مصر المشهور… له النظم الرائق، والنثر الفائق، مع المشاركة الحسنة في فنون من العلم».

وقال ابن حجة الحموي([10]): «طالعتُ ديوان الشيخ الإمام القدوة العلامة برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم القيراطي، وحرّرته بميزان العقل تحرير الذهب، فوجدته قد مازج القطر النباتي بحلاوة ما حرّكه من نكت الأدب…».

وقال عنه ابن حجر العسقلاني([11]): «عين الديار المصرية… مهر فِي الْآدَاب، وَقَالَ الشّعْر ففاق أهل زَمَانه، وسلك طَرِيق الشَّيْخ جمال الدّين ابْن نباتة وتلمذ لَهُ وراسله».

وقال عنه شمس الدين النواجي([12]): «شيخ الشيوخ برهان الدين القيراطي».

وقال عنه ابن تغري بردي([13]): «الشيخ الإمام العالم العلامة برهان الدين ابن مفتي المسلمين شرف الدين، الأديب الشاعر المشهور… كان له النظم الرائق والنثر الفائق… هو شاعر عصره بعد الشيخ جمال الدين بن نباتة، وأقرب الناس إليه من دون تلامذته ومعاصريه من شعراء عصره… فإنه أدقّ، وأحلى وأرشق».

وقال عنه السيوطي([14]): « البارع المفنن… فاق في النظم والشعر».

وقال عنه ابن العماد الحنبلي([15]): «الشاعر المشهور… تَعانى النّظم، ففاق فيه».

نُسَخُها:

  1. للمنظومة نسخةٌ من محفوظات مكتبة جامعة أم القرى بمكّة المكرّمة، وهي متاحة على موقعها الإلكتروني، وتحمل الرقم المرجعيّ (416;13020-2)، وتقع ضمن مجموعة خطيّة مرقّمة الصفحات، وهي فيها في الصفحة (43). وناسخها: محمد بن صلاح بن علي مشحم، وتاريخ نسخها لم يصرّح به، ولكن بالمقارنة مع ما صرّح به فيما قبلها وما بعدها فيبدو أنها نُسخت سنة (1220هـ). وفي حاشيتها أوردَ الناسخُ خمسة أبيات من نظم المقرّي في استخراج الضمير. ويظهر أنّ ناسخها غير بصيرٍ بعِلم العَروض، فتصحفت عنده بعض المصطلحات دون أن ينتبه إليها.
    وقد رمزتُ لهذه النسخة بـ(ق).ولم تكن العمدة على هذه النسخة فحسب، لأن فيها خطأ في نسبة أبيات التتمة إلى القيراطي دون الإشارة إلى صاحبها القازاني، فلذلك اعتمدتُ أيضًا على نُسخَتَي كتاب القازاني: «المقصد الوافي بالعروض والقوافي»، حيث أورد فيها أبيات القيراطي، وشرحَها، ثمَّ تمَّمَها.
    وهاتَين النسختَين هما:
  1. نسخة مكتبة أمبروزيانا، بميلانو الإيطالية، وتقع ضمن مجموعة خطيّة أيضًا، وتحمل الرقم (E33)، وهي فيها من (ل 110) إلى (ل 134). وتاريخ نسخِها ما بين عامَي (1074-1084هـ)، وهي من تصوير معهد المخطوطات العربية/ الكويت، سنة (1410هـ)، وهي نسخة تامة، ونصّها أجود من غيرها.
    وقد رمزتُ لهذه النسخة بـ(م).
  1. نسخة مكتبة جامعة الملك سعود (الرياض سابقًا)، وهي تحمل الرقم (2744)، وتقع في عشر لوحات، وقد كان الفراغ من نسخها في الخامس عشر من محرم، سنة (1279هـ). وهي نسخة عليها حواش فيها شرح ومقابلة تدلّ على أنها كانت محلّ مُدراسة، ولكنها نسخة ناقصة حُذِفَ منها الباب الثاني جميعه.
    وقد رمزتُ لهذه النسخة بـ(س).

تَحقِيقُها:

لمَّا كانت هذه المنظومة ذات تخصص دقيق في بابها، لم تكن هناك حاجة إلى تفسيرها وإكثار التعليق عليها في الحاشية، لأنها موجَّهة إلى أهل الاختصاص، لذلك اكتفيتُ بإيراد نَصِّها فحسب، وذلك باعتماد طريقة النصّ المختار، فلم أعتمد نسخةً محدَّدة في المتن، بل أثبَتُّ فيه ما أراه أقرب إلى الصواب.

وقد تَلخَّص عملي في النقاط التالية:

  1. قمتُ بنسخ النص ومقابلته على سائر النُّسَخ، وضبطه وتشكيله، ورسمه بحسب قواعد الإملاء المتعارف عليها، ووضعتُ للأبيات أرقامًا لغايات تسهيل القراءة والإحالة.
  2. أشرتُ إلى ما كان مِن اختلافٍ بين النُّسَخ في الحاشية.
  3. حاولتُ أن أُبرزَ حُسنَ الترتيب الذي انتهَجَه الناظم، وذلك بوضع بعض العنونة في أثناء النصّ، وحصرتُها بين معكوفتين.
  4. قدّمتُ بين يدي النصّ بمقدمة أحسبها وافية في التعريف بالمَنظومة ومَوضوعِها ونُسَخِها، والتعريف بصاحبها.

سائلًا اللهَ التوفيق والسداد، وأن يجعل هذا العمل نافعًا مقبولًا.

 

[نموذج نسخة (ق)]

[نموذج نسخة (م) فيه مطلع المنظومة وبعض الأبيات]

 

[نموذج نسخة (س) فيه مطلع المنظومة وبعض الأبيات]

 

النَّصُّ المُحقَّق:

 

[قالَ شِهابُ الدّين القازانيُّ]: وَقَدْ نَظَمَ الزِّحافَ المُنفَرِدَ بُرهانُ الدِّينِ القِيراطِيُّ، وَنَظَمْتُ المُزْدَوِجَ بَعْدَهُ عَلَى أُسْلُوبِهِ، جَعَلَها -رَحِمَهُ اللهُ- فِي خَمْسَةَ عَشَرَ بَيْتًا، فَقَالَ:

1.

يَا طَالبًا لِزحَافِ الشِّعْرِ مَعْرِفَةً   أَنَا الَّذِي عِنْدَهُ مِنْهُ جَوامِعُهُ

[ما يُحذَف منه ساكِن]:

2.

3. 

حَذْفُ السَّواكِنِ فِي الأسْبَابِ أَرْبَعةٌ
فَالخَبْنُ ثَانِيَهِ وَالطَّيُّ رَابِعُهُ
  مِنْ كُلِّ جُزْءٍ([16]) فَمَا تَخْفَى مَواقِعُهُ
وَالقَبضُ خَامِسُهُ والكَفُّ سَابِعُهُ

[ما يُسكّن منه متحرّك]:

4.

5.

وَكُلُّ مَا أَسْكَنوهُ لِلزِّحافِ بِهِ
فَثانِي الجُزْءِ إِضْمَارٌ وَخَامِسُهُ
  ثَلاثَةٌ كُلُّهَا تُسْمَى مَواضِعُهُ
عَضْبٌ([17]) وَسَابِعُهُ الإِيقافُ مَانِعُهُ

[ما يُحذَف منه متحرّك]:

6.

7.

8.

وَالخَرْمُ إِسْقاطُ حَرْفٍ مُبْتَدَا وَتَدٍ
وَلِلْفُصُولِ تَزاحِيفٌ تُخَصُّ بِهَا
فَالوَقْصُ إِسْقَاطُكَ الثَّانِي المُحَرَّكُ ثُمْـ
  مِنْ أَوَّلِ البَيْتِ مَعْرُوفٌ شَرائِعُهُ
فَلْيَسْتَمِعْ كُلُّ مَا قَدْ قَالَ سَامِعُهُ
ـمَ الْعَقْلُ خَامِسُهُ وَالْكَسْفُ([18]) سَابِعُهُ

[ما يُحذَف منه سببٌ خفيف]:

9.

والحَذْفُ عِنْدَهُمُ أَنْ يَحْذِفُوا سَبَبًا   مِنْ آخِرِ البَيْتِ([19]) حَذْفًا لَا يُراجِعُهُ

[ما يُحذَف منه ويُسكّن]:

10.

11.

12. 

وَالْقَصْرُ فِي سَبَبٍ إِسْقاطُ سَاكِنِهِ
وَالْقَطْعُ فِي الْوَتَدِ الْمَجْموعِ عِنْدَهُمُ
وَإِنْ تَأَخَّرَ كانَ الْقَطْعُ تَسْمِيَةً
  لَكِنْ يُسَكَّنُ مَعْ ذَيَّاكَ تَابِعُهُ
كالْقَصْرِ فَهْوَ عَلَى هَذَا يُضَارِعُهُ
وَإِنْ تَوَسَّطَ فالتَّشْعِيثُ([20]) قاطِعُهُ

[ما يُحذَف منه وتدٌ مجموع]:

13.

وَالْحَذُّ فِي الْوَتَدِ الْمَجْموعِ حَذْفُهُمُ   لَهُ وَمَا أَنَا فِيمَا قُلْتُ بَادِعُهُ

[ما يُحذَف منه وتدٌ مفروق]:

14.

وَالصَّلْمُ فِي الْوَتَدِ الْمَفْروقِ عِنْدَهُمُ   كالْحَذِّ شَابَهَ مَصْلُومًا([21]) مَسَامِعُهُ

 

15.

16.

هَذَا زِحافُ جَمِيعِ الأَصْلِ عِنْدَهُمُ
إِلَّا الَّذِي لِاخْتِصَارِ الْجَمْعِ قَدْ وَضَعُوا
  لَا غَيْرَ ذَيَّاكَ نَابِيهِ وَشائعُهُ
وَقَدْ أَجَادَ لَعَمْرُ اللهِ واضِعُهُ

 

 [آخِرُ نَظْمِ القِيرَاطِيِّ]

 

[قالَ شِهابُ الدّين القازانيُّ]: لَمَّا نَظَمَ القِيراطِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- الزِّحافَ المُفْرَدَ، نَظَمْتُ لِلْمُزْدَوِجِ عَلَى وَزْنِ قَصِيدَتِهِ ثَمَانِيَةَ أَبْياتٍ، فَقُلْتُ:

17.

18.

19.

20.

21.

22.

23.

وَلِازْدِواجِ([22]) زِحَافٍ بَعْدَها وَضَعُوا
فَالْخَبْنُ إِنْ يَجْتَمِعْ بِالْكَفِّ قِيلَ لَهُ
وَالْعَصْبُ وَالْكَفُّ نَقْصٌ لَا خِلافَ بهِ
وَالْخَبْنُ وَالطَّيُّ خَبْلٌ حَيْثُما اجْتَمَعَا([23])
وَالْخَرْمُ وَالْقَبْضُ ثَرْمٌ حِينَ يَجْتَمِعَا
وَالْخَرْمُ وَالْعَقْلُ سَمِّ جَمِيعَها جَمَمًا([24])
وَالْكَفُّ وَالْخَرْمُ خَرْبٌ لَا يُزايِلُهُ
  أَسْماءَ كَيْ لَا لَهُ تَخْلُو مَواضِعُهُ
شَكْلٌ وَهَذَا ازْدِوَاجٌ قَلَّ مَانِعُهُ
وَالطَّيُّ والضَّمْرُ خَزْلٌ قَامَ وَاقِعُهُ
وَالْحَذْفُ وَالْقَطْعُ بَتْرٌ قَالَ صَانِعُهُ
وَالْخَرْمُ وَالعَصْبُ قَضْمٌ([25]) لَاحَ طَابِعُهُ
وَالْخَرْمُ وَالنَّقْصُ عَقْصٌ دَانَ شَاسِعُهُ
وَالْخَرْمُ وَالقَبْضُ شَتْرٌ لَا يُمانِعُهُ

 

[قالَ شِهابُ الدّين القازانيُّ]:فَهَذَا الزِّحافُ المُزْدَوِجُ جَمِيعُهُ، وَبَقِيَ مِن المُفْرَداتِ القَطْفُ، وَقَدْ قُلْتُ فِيهِ([26]):

24.  وَالْقَطْفُ إِسْكانُ مَا قَدْ حَذَّ مِنْ سَبَبٍ   وَقَبْلَهُ يَدْخُلُ التَّسْكِينُ سَابِعُهُ

تمَّتْ

 

————————–

([1]) ومِن أحسنِ تعريفاتها ما سطّره ابن رشيق القيرواني في كتابه: العمدة (1/138)، فليُراجَع.

([2]) يُنظَر: تفسير الرازي (ص110)، ولسان العرب (7/20).

([3]) يُنظَر على -سبيل المثال- مبحث الزحافات والعلل من كتاب: علم العروض والقافية، لعبد العزيز عتيق (ص170-188).

([4]) وقد أحسنَ القازانيُّ تفصيلَ ذلك في الباب الأول من كتابه: المقصد الوافي بالعروض والقوافي.

([5]) تَرجَم له: تقي الدين الفاسي في: العقد الثمين (3/217-218)، وفي: تعريف ذوي العُلا (ص287-288)، وابن حجر العسقلاني في: إنباء الغمر (1/200)، وفي: الدرر الكامنة (1/32-33)، وابن تغري بردي في: المنهل الصافي (1/89-91)، وفي: النجوم الزاهرة (11/198), وجلال الدين السيوطي في: حُسن المحاضرة (1/٥٧٢)، وابن العماد الحنبلي في: شذرات الذهب (6/269).

ويبدو أنَّ ترجمته سقطت مما وصلَ إلينا مِن كتاب «طبقات الشافعية الكبرى» لِعَصريِّه تاج الدين السبكي، ولم يتبقَّ منها سوى الرسائل المتبادلة، وقد استغرقت عشرات الصفحات (9/314-398).

([6]) يُنظَر: الجواهر والدرر، للسخاوي (2/٧٧١). وتذكرته الأدبية موسوعة كبيرة، بعضها مفقود، والآخر ما زال في عالم المخطوط.

([7]) له أكثر من نسخة، منها: نسخة بمكتبة كلية الدراسات الشرقية، سان بطرسبورغ، رقم (832). ونسختان بمكتبة الدولة، برلين، رقم (7869) و(7870).

([8]) يُنظر: الأعلام، للزركلي (1/49).

([9]) العقد الثمين، للفاسي (1/137-138).

([10]) قهوة الإنشاء، لابن حجة الحموي (ص493).

([11]) الدرر الكامنة، لابن حجر (1/32-33).

([12]) الشفاء في بديع الاكتفاء، للنواجي (ص٨٦).

([13]) المنهل الصافي، لابن تغري بردي (1/89-91).

([14]) حُسن المحاضرة، للسيوطي (1/٥٧٢).

([15]) شذرات الذهب، لابن العماد (6/269).

([16]) في (ق): (حَرفٍ)، وهو تصحيف.

([17]) في (ق): (عصب) بوضع علامة الإهمال على الصاد، وكلاهما جائز.

([18]) في (ق): (الكشف)، وهو تصحيف.

([19]) في (ق): (الشطر)، وهو خطأ.

([20]) في (ق): (التشعيب)، وهو تصحيف.

([21]) في (ق): (ملصومًا)، ولعله سبق قلم.

([22]) في (ق) و(س): (والازدواج)، والمعنى به لا يستقيم.

([23]) في (ق) و(س): (حين يجتمعا).

([24]) في (ق): (وَالْخَرْمُ وَالْعَقْلُ جَمَم إنْ هُما اجْتمَعَا)، وفي (س): (وَالْخَرْمُ وَالْعَقْلُ جَمٌّ إنْ هُما اجْتمَعَا).

([25]) في (ق): (قصم) بوضع علامة الإهمال على الصاد، وهو تصحيف.

([26]) مِن بعد قوله: (وبقي) إلى (في) بياضٌ في نسخة (م).

 

***********

 

 

مَصادر التحقيق ومَراجعه:

  1. الأعلام: خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، ط15، (2002م).
  2. إنباء الغمر بأبناء العمر: ابن حجر العسقلاني، ت:حسن حبشي، لجنة إحياء التراث الإسلامي، مصر، (1969م).
  3. تعريف ذوي العُلا بمن لم يذكره الذهبي من النبلا: تقي الدين الفاسي، ت: محمود الأرناؤوط وأكرم البوشي، دار صادر، بيروت، ط1، (1998م).
  4. التفسير الكبير: فخر الدين الرازي، دار الكتب العلمية، بيروت، (2004م).
  5. الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر: شمس الدين السخاوي، ت: إبراهيم باجس، دار ابن حزم، بيروت، ط1، (1999م).
  6. حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة: جلال الدين السيوطي، ت: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، مصر، ط1، (1967م).
  7. الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة: ابن حجر العسقلاني، ت: محمد عبد المعيد خان، دائرة المعارف العثمانية، حيدر اباد، ط2، (1972م).
  8. شذرات الذهب في أخبار من ذهب: ابن العماد العَكري الحنبلي، ت: محمود الأرناؤوط، دار ابن كثير، دمشق – بيروت، ط، (1986م).
  9. الشفاء في بديع الاكتفاء: شمس الدين النواجي، ت: محمود أبو ناجي، دار مكتبة الحياة، بيروت، ط1، (1403هـ).
  10. طبقات الشافعية الكبرى: تاج الدين السبكي، ت: محمود الطناحي وعبد الفتاح الحلو، دار هجر، الرياض، ط2، (1413هـ).
  11. العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين: تقي الدين الفاسي، ت: محمد حامد الفقي وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، (1986م).
  12. علم العروض والقافية: عبد العزيز عتيق، دار النهضة العربية، بيروت، (1987م).
  13. العمدة في محاسن الشعر: ابن رشيق القيرواني، ت: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الجيل بيروت، ط5، (1981م).
  14. قهوة الإنشاء: ابن حجة الحموي، ت: محمد العزازي، دار الكتب العلمية، بيروت، (2019م).
  15. لسان العرب: ابن منظور، دار صادر، بيروت، (2003م).
  16. المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي: يوسف بن تغري بردي، ت: محمد محمد أمين، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، (1984م).
  17. النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: يوسف بن تغري بردي، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، مصر، (د.ت).

 

____________

دعاوى المستشرقين في العروض العربي

أثر الأعراف الإدارية في شيوع الأخطاء اللغوية

العدد الأول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى