نصوص أدبية

سأحميك

سأحميك

 

بقلم: سلطان صلاح

في تلك الصبيحة..
سطعت الشمسُ الحارقة على صحراءٍ لا ترحم، وأمُّ أحمد تجري حاملةً ولدها الوحيد، حاسرةَ القدمين، تتشقق رجلاها من سرعة المشي فوق الحصى والنباتات الشوكية.
لم تُصدّق عينيها حين أبصرت محلّا قديماً خالياً، فدخلته تلتمس قليلًا من الماء.
غير أنّها فوجئت برجالٍ من “الدّعم السريع” يحيطون بالمكان إحاطة السوار بالمعصم.
كانوا يتفنّنون في تدريبهم على إذلال الناس، يساومونهم على أرواحهم وشرفهم.

تقدّم زعيمهم وقال بسخريةٍ قاتلة:
– من أين مقدمكِ؟ ظننتُ أننا قطعنا نسلكم!
فتصاعدت ضحكات الأوغاد تصاعدَ ألسنة النار في الرماد المشتعل.

أجابتهم بنظرةٍ مبحرةٍ في الألم، ثمّ ضمّت طفلها إلى صدرها.
قال أحمد بصوتٍ مرتجف:
– أمي… أنا خائف.
فهمست وهي تجرّ أنفاسها الأخيرة من الصبر:
– لا تخف… سأحميك.

لكنّ الضحكات عادت تتعالى، تتردّد كدخانٍ مستعرٍ يملأ المكان،
فأشار الزعيم إلى أحد كلابه قائلاً:
– وجّه السلاح… ودعها تحميه إن استطاعت.

دوّى الرصاص.
سقط أحمد.
وبقيت الأم تحدّق في الفراغ، ثم ضحكت ضحكةً خافتةً مبحوحة، كأنّها تسخر من كلّ من ادّعى يوماً أنّه سيحمي الضعفاء.

 


اقرأ أيضًا:

وطن الأيتام

فلسطين تنتصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى