مقالات

الإسناد الإعلامي المرئي لعملية طوفان الأقصى

الإسناد الإعلامي المرئي لعملية طوفان الأقصى

سلطان صلاح ماجد

تُشكّل وسائل الإعلام في العصر الحديث دورًا مهمًّا جدًّا في تشكيل الوعي الشعبوي، وتجد أكثر الناس حتى ممن لا يمتّ بِصلة إلى أي فكرة أو ليست له دراية بأي سياق من سياقاتها، مِن أكثر المتحمسين للدفاع عنها، والتشنيع على من ينتقدها أو يعاديها، مهما كان شأنه. ونجد هنا تأثير الإعلام واضحًا في نازلة العصر: حرب طوفان الأقصى؛ فلم يكد يخطر ببال أحد رؤية بعض المنساقين خلف الشهوات وهم ينشرون خطابات أبي عبيدة ويبكون إسماعيل هنية ويحرّضون على المقاطعة ويخرجون في الوقفات الاحتجاجية ويملؤون صفحاتهم بأجمل الشتائم للصهاينة، وما هذا إلا نتيجة من نتائج التأثير الإعلامي الواسع في تشكيل عقلية الفرد، ولعلها لا تكون صحوة مؤقتة بل صحوة دائمة توجه الفرد نحو رؤية نفسه والسعي في صلاحها، إذ بصلاح الفرد صلاح الأمة، وبه تتحقق الغايات العظمى والأهداف الكبرى، فمتى وجد الفرد نفسه منتسبًا إلى أمة خضع بكل كيانه لمرجعية الوحي المتمثلة بكتاب الله وسنة رسوله العظيم ﷺ. يقول رسول الله ﷺ: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا».

ومن هنا نستطيع أن نقول بكل فخر: إن المقاومة على الرغم من كل التضحيات الجسيمة التي قدمتها فداءً للأمة نجحت نجاحًا قويًا في إدارة المعركة الإعلامية ضد عدوها بحيث استطاعت الدخول لكل بيت معلنة قضيتها وصارخة بأعلى صوتها: أنا أقاوم إذن أنا الأمة. فالمقاومة اليوم هي من تذب وتدافع عن شرف الأمة بكافة أطيافها، فلا أرى أبو عبيدة وهو يخرج ببياناته إلا وأتمثل قول عنترة:

إِنّي أَنـا لَيثُ العَرينِ وَمَن لَهُ
قَلبُ الجَبانِ مُحَيَّرٌ مَدهوشُ
إِنّي لَأَعجَبُ كَيفَ يَنظُرُ صورَتي
يَومَ القِتـالِ مُبارِزٌ وَيَعيشُ

وكذا أرى إسماعيل هنية ويحيى السنوار وكافة رجالات جهادنا المقدس الذين جاهدوا في الله حق جهاده، فنسأل الله أن يتقبلهم في الشهداء ويجعلهم في زمرة السعداء.
في كل نازلة من نوازل الأمة في عصرنا ينقسم الناس إلى فسطاطين: فسطاط حق، وفسطاط تخذيل لأهل الحق، ولكن هل ينطبق المقياس إذ وضعناه للإعلام؟ إذْ إنّه من المؤكد أنّ للأعلام مآرب عدة من نشره بعض الأخبار لخدمة المصالح التي تدرّ على القناة الأموال، بل وتكون متسقة مع المنهج الذي يسير مع البقعة الجغرافية التي تشغلها القناة، أو صاحبها. وعلى النقيض لا نعدم الخير في أمة الجهاد، فمَن قال: هلك الناس، فهو أهلكهم! فلا يزال بعض الإعلاميين يتحلى بأخلاق المهنة، ويتوخى الحذر في نقل الخبر، ويتصف بالصدق والأمانة وحسن السيرة، ويشعر بالمسؤولية التي حمله الله إياها، إذ إنه مسؤول عن نقل أخبار الناس سعيدها وحزينها، وهو المسؤول عن تحريك الجالسين في البيوت بلا أي معرفة بما يجري حولهم. فإنْ دَوّن أهلُ الحديث فيما مضى كتبًا في الجرح والتعديل لمعرفة سلامة الرواة من جهة الضبط الخُلقي والعِلمي ليُروى عنهم، فواجبنا كذلك أن ندوّن في أخلاقيات كل عامل ينتمي إلى جموع هذه الأمة المباركة، لنؤدي أمانة التاريخ، ونشكر مَن سعى في نصرة قضية الأمّة.

ولقد تكاثرت وسائل الإعلام المختلفة في عصرنا، خصوصًا بعد ثورة الإنترنت، ونجدها متعددة المناحي والأشكال، تندرج تحت قسمين رئيسَين:

1. وسائل إعلام تقليدية: وهي الوسائل التي تضم الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون.
2. وسائل إعلام حديثة: وهي الطرق الجديدة في الإعلام والاتصال في البيئة الرقمية التي تسمح لمجموعة من الناس بإمكانية الانتقاء والتجمع على الإنترنت وتبادل المعلومات، وهي بيئة تسمح للأفراد والمجموعات بإسماع أصواتهم وأصوات مجتمعاتهم إلى العالم أجمع.

من وسـائـل الإعـلام التقـلـيديـة:
(المحطات التلفزيونية)

أ. قناة الجزيرة:

تكاد ذكرياتي المرتبطة بالقضية الفلسطينية وسائر قضايا الأمة لا تخرج عن قناة الجزيرة، فمنذ طفولتي لا أنسى لقاءات أحمد منصور “شاهد على العصر” مع قادة المقاومة، لا أنسى الوثائقيات التي أخرجتها عن حياة الشيخ أحمد ياسين، وعن النكبة، وعن إسماعيل هنية، وعن منطقة الخليل، وعن القدس، وكل ما يخص فلسطين ورجالاتها. إضافة لذلك عملت قناة الجزيرة منصة خاصة في موقعها الرسمي لأخبار فلسطين وكانت مواقف الحكومة الصهيونية منها مواقف معادية منتهكة لكل الاعتبارات التي تكفل حق الإعلام، ففي يوم 15 يوليو 2009، أغلقت السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية مكاتب الجزيرة في الإقليم، ردًا على ما بثته القناة من تصريحات فاروق القدومي بأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس له يدٌ في وفاة ياسر عرفات. فاتُّهِمَت القناة بالتحريض ضد منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية. وفي يوم 19 يوليو 2009 أُلغِيَ هذا الحظر، وسُمِح للجزيرة باستئناف عملها.
وقام الاحتلال الصهيوني في 11 مايو 2022م، باغتيال مراسلة الجزيرة: شيرين أبو عاقلة، أثناء تغطيتها الأحداث الدائرة في مدينة جنين.

وفي الخامس من مايو 2024، أوقفت الحكومة الإسرائيلية، عمل شبكة الجزيرة التلفزيونية القطرية في إسـرائيـل، على خلفيـة اتهـامـات بـ”التحريض” ضد إسرائيل.
وكتبَ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، على حسابه في “إكس” وقتها: “قررت الحكومة برئاستي بالإجماع: إغلاق قناة (التحريض) الجزيرة في إسرائيل”.
كما أُغلِق مكتب قناة الجزيرة في رام الله من قبل إسرائيل، بتاريخ 22 سبتمبر 2024، إذ اقتحم الجيش الإسرائيلي مدينة رام الله في الضفة الغربية، وأغلق مكتب قناة الجزيرة القطرية الواقع في وسط المدينة.
أضف إلى ذلك استشهاد عدد من إعلاميي القناة في الحرب الأخيرة، ومن أبرزهم المراسل الشاب أنس الشريف.

ومِن جُملة الإعلاميين الذين سجّلوا بصمتهم الواضحة في الحرب الأخيرة من ضمن كادر الجزيرة:

1. وائل الدحدوح:

هو فخر الرجال، الصابر الثابت الراضي بقضاء ربه، أبو حمزة وائل الدحدوح الغزي، ولد في منبع الرجال مدينة غزة الأبية في 30 أبريل نيسان 1970م. بدأ سني حياته صحفيًا في صحيفة القدس العربية ثم التحق بالجزيرة وشملته يد الشيطان الصهيونية فاعتُقل سبع سنواتٍ في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

كان وجه وائل معروفًا بتغطيته المتواصلة والمستمرّة لما يجري في قطاع غزة كونه مراسلًا رئيسيًا للقناة هناك.
تعرضّت أسرة الدحدوح، يوم 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، لقصف العدو الغاشم الصهيوني على منزله في مخيم النصيرات بغزّة، ما تسبّب في مقتل زوجته وابنه وابنته وحفيده، وذلك بعد أن كانت سلطات الاحتلال قد حثت المواطنين على النزوح نحو جنوب القطاع بدعوى أن المنطقة هناك لا تشملها العمليات العسكرية.

ولما بلغه الخبر خرج من البثّ وهرعَ مسرعًا ليكتشف أن غارة العدو هوت على أهله وسبقوه إلى نعيم الآخــرة -إن شاء الله-.
سجَّل لنا الإعلام اللحظات الأولى من كلام وائل بعد مقتل أهله حين قال: «بنتقموا منا بالأولاد؟ دموعنا دموع إنسانية وليست دموع جبن وانهيار، فليخسأ جيش الاحتلال».
لذا حفر في جدار عاطفتنا مواساةً لا حدّ لها معه، وحفر في جدار عقلنا ثأرًا لا ينطفئ حتى نأتي برأس أعتى خنزير منهم تحت نعالنا.
ومن جملة الرزايا والكرب التي أحاطت هذا الرجل إصابتُه الشديدة برفقة زميله المصور سامر أبو دقة يوم 15 كانون الأول/ ديسمبر 2023م، خلال تغطيته قصفًا استهدف مدرسة حيفا في خان يونس، قبل أن يُفارق سامر أبو دقة الحياة هناك.
ومن آخر مصائبه: استشهاد نجله الصحفي حمزة الدحدوح، يوم 7 كانون الثاني 2024م، في قصف إسرائيلي.
ومن شمائل هذا الرجل الكريم العربي الأصيل: غيرته المتوقدة، ففي منظر جنازة ابنه حمزة، حين بدَت بضعة شعرات من جانب حجاب زوجة ابنه، فما كان منه إلا أن يدخلها بيده وسط البكاء والصراخ.
وكان مما كتب في استذكار نجله حمزة: «آهٍ يا حمزة الروح، ويا مهجة القلب، ويا كل شيء… في مثل هذا اليوم قبل ثمانية وعشرون عامًا أكرمني الله بمجيئك إلى الدنيا، فكنتَ فرحتي، ولهفتي، ولوعتي… وقبل سبعة أشهر من عُمُرِ أبشعِ الحروب، قتَلوا الفرحة وأبقوا اللوعة… فماذا أقول لك يا بُني في يوم ميلادك؟ فلقد انفطر القلب شوقًا لك ولهم جميعًا، فنَمْ قرير العين بجوار ربك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم».
ومما كتب في ذكرى ميلاد زوجه الراحلة: «يا وطنًا عشتُ فيه، واستندتُ إليه… وتنسّمَتْ روحي هَواه… أنتِ وطني. طاب يومك في يوم ميلادك».

2. سامر أبو دقة:

الشاب الأنيق والمصور الدقيق سامر أبو دقة، ولد عام 1978م، عاش وترعرع في خان يونس بغزّة، ورفض الخروج منها على الرغم من تلقيه عروض عمل خارج بلده، فبقي مرابطًا في الميدان، ينقل الحقيقة والخبر ويوثق انتهاكات الصهاينة، حتى استشهد. وكان قد حصل على درجة البكالوريس في الصحافة والإعلام من جامعة الأزهر بغزة، وبدأ عمله صحفيًا في صحيفة الشعب ثم انتقل في عام 2004م للعمل في قناة الجزيرة، وكان من مؤسسي مكتب القناة في قطاع غزة، حيث عمل فيه مصورًا وفنيًا للجزيرة لأكثر من عشرين عامًا.

يحمل الجنسية البلجيكية، وهو أب لثلاثة أبناء وبنت يسكنون بلجيكيا وقد زارهم قبل أشهر من استشهاده مخططًا أن يردّ الفرع إلى الأصل لينبت وينضج، وعلى الرغم من محاولات إقناعه بالخروج منها في وضع الحرب الإسرائيلية عليها، إلا أنّه لم يوافق، وظلّ متمسكًا بقضيته.
استشهد سامر بعد أن ظل ينزف مدة ست ساعات متتالية، إذْ لم تتمكن سيارة الإسعاف من الوصول إليه إثر إصابته إلى جانب الزميل وائل الدحدوح خلال تغطيتهما قصفًا إسرائيليًّا، فارتقى شهيدًا يوم 15 ديسمبر في عام 2023م.
وقد وقف وائل الدحدوح فوق قبره وقال: «إنه كان من أكثر الزملاء إخلاصًا لمهنته وللجزيرة، وفقدناه في فعل همجي رغم أننا كنا في مهمة رسمية موافق عليها وبتنسيق مباشر».
ذهب أبو دقة وفي ذهاب كل مصور ذهابٌ لترجمان حي على جرائم العدو.

3. إسماعيل الغول:

كان يوم استشهاد إسماعيل الغول رزية عظمى ومصيبة فادحة، إذ إنها ضاعفت الحزن الذي لم يكد يلتئم في فقدان رمز من رموز الجهاد على مستوى الأمة الإسلامية عامة وعلى مستوى فلسطين خاصة ألا وهو القائد المجاهد إسماعيل هنية -تقبله الله وتغمده بالرحمة والرضوان- وكان من المُقدر لهما أن يستشهدا في يومٍ واحد ومكان مشى فيه الاثنين وفي قضيةٍ واحدة ولهما نفس الاسم حتى يكونا دلالة على أن أمة الإسلام أمة واحدة وإنْ كان أحدهم خارج غزة والآخر داخلها، أمة واحدة متماسكة من شمالها إلى جنوبها، ومن مشرقها إلى مغربها، تجتمع في حزنها وفرحها، وتهب هبة رجل واحد لثأرها.
ولد الغول في 14 يناير عام 1997م، حصل على درجة البكالوريوس في الصحافة من الجامعة الإسلاميّة، وبدأ عمله في مجال الصحافة المكتوبة مراسلًا لصحيفتي الرسالة وفلسطين المحليتين، ثم عمل مع عدة شركات للإنتاج الإعلامي، في غزة ومع بداية الطوفان وقّع عقدًا مع قناة الجزيرة ليكون مراسلًا فيها. اعتُقل في صباح يوم الاثنين 18 مارس 2024م، من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي هو وعشرات آخرين إثر اقتحام القوات المحتلَّة لمجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، وتعرض لتحقيق مطوّل مدة اثنتي عشرة ساعة، ثم أُفرج عنه.

كانت الأحزان تجتمع على الغول: حزن الفراق وحزن البعد، ولسان حاله يحاول معارضة ما كتب الجواهري:
قدْ يَقتُلُ الحُزنُ مَنْ أَحْبابهُ بَعُدوا
عنهُ، فكيفَ بمَنْ أحبابُهُ فُقِدوا
افترق عن أحبابه وفقَد الآخرين، ولم يلقَ أيّ أحد منهم، ففقدَ والده نتيجة إصابته بمرض السرطان أثناء مكوثه في غزة بالحرب، وفقد أخوه بالقصف الصهيوني، وكذا بعُد عنه أهلُه وبنتُه طيلة فترة الحرب، وكان يتحرّق شوقًا للقائهم، ولكن متى قُدِّر للمحبين لقاء! ومتى سَمحَت الحرب بالتمنّي!
استشهد إسماعيل الغول في 31 يوليو عام 2024م، بعد تغطيته خبر استشهاد إسماعيل هنية من أمام منزله في مخيم الشاطئ، على سطح منزل مجاور لمنزل إسماعيل هنية، وذلك خلال وجود عددٍ من الصحفيين، ثم أغارت المسيّرات الإسرائيلية بصواريخها على كل من حاول الهروب من موقع القصف.
حاول إسماعيل ورفيقه المصوّر الفرار عبر سيّارتهما، لكنّ المسيّرة الإسرائيلية تعقبتهما وأغارت عليهما عمدًا، وهما المعروفانِ لديها، واللذان يرتديانِ ملابس الصحافة.
تسبّبت هذه الغارة بمقتل مراسل الجزيرة إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي في عينِ المكان ليخرج رفيق دربه أنس الشريف يصيح بأعلى صوته: فُصل رأس إسماعيل الغول، ذاك الشاب الذي سقط منه رأسه المليء بالأفكار والأحلام، فمن يدري كيف كان يحلم؟ يترقب الأيام والساعات حتى يلقى زوجه وبنته اللتين باعدهما الصهاينة، وكيف كان يفكر لتطوير عمله الصحفي وزيادة مهاراته لخدمة قضيته!

ب. قناة الرافدين:

قناة تلفزيونية عربية عراقية، تبث من إسطنبول بتركيا، ويقع مقرها الرئيسي في القاهرة. انطلقت في 10 أبريل 2006م، على قمر نايل سات، وهي من قنوات المعارضة العراقية ما بعد سقوط البعثية. يقال إنها تابعة لهيئة علماء المسلمين في العراق. شعارها «لأننا حضارة» وسميت باسم حضارة بلاد الرافدين.

وهي قناة إخبارية سياسية بالدرجة الأولى، تتابع الشؤون الأخرى وتبث على مدى 24 ساعة. كان لها دورها في بث أخبار عملية طوفان الأقصى كل يوم، ونشرت بيانات هيئة علماء المسلمين بحق أحداث فلسطين، واستضافتهم في حلقة حرة بعنوان: (طوفان الأقصى وواجب الشعوب) في بداية العملية.

ج. قناة التلفزيون العربي:

هي قناة تلفزيونية عربية تتبع مجموعة فضاءات ميديا، تبث برامج إخبارية مع بعض التنويع في البرامج السياسية والاجتماعية والثقافية والترفيهية، ويقع مقر القناة الرئيسي في لوسيل بقطر، ولديها مكاتب في عدد من العواصم العالمية.

تتلخص رؤية القناة حسب الوصف الذي ورد على حسابها في يوتيوب: «تسليط الضوء على آمال المواطن العربي ورؤاه، ونظرته إلى نفسه وإلى العالم والمستقبل، كما تسعى الشبكة لأن تكون صوت ورؤية المشاهد العربي في كل مكان».
كانت القناة صوتًا دائمًا لثورات الربيع العربي وغيرها، وكذلك ظلت على موقفها ثابتة في دعم طوفان الأقصى، فجعلت نافذة مباشرة دائمة لبث الأخبار هناك، وكذلك استضافت عددًا من اللقاءات المهمة حول الطوفان.
أما بقية القنوات فقد أغفلتُ ذكرها لأني لم أرَ منها أي اهتمام خاص بالقضية الفلسطينية، بل لا تعدو أن تنشر بعض الأخبار والبيانات حول ما يحصل هناك، بل وكانت الخسة من بعض القنوات العربية أن تكون صوتًا ناطقًا للشيطان في تثبيط أهل الجهاد، وصدى لإعلام العدو المحتل.

 

من وسـائـل الإعـلام الحـديـثـة :
الـ(يوتيوب) YouTube

1. قناة عبد الله الشريف:

هو إعلامي ومدوّن وشاعر مصري، اشتهر بالنقد السياسي الساخر، ولد في مصر، عام 1978م. عُرف بمناهضته للظلم وبغضه للطواغيت بشكل عام، وعبد الفتاح السيسي بشكل خاص، وكلفه هذا الكثير في سبيل قضيته، فتغرب واعتقل بعض أهله.

تميز عمله بكثرة الإنتاج مع دِقّة جمع معلومات المحتوى، وجودة التصميم والتنسيق والإخراج والهندسة الصوتية، وحُسن العرض، والصوت الجهوري المتميز، والحس الفكاهي، والتسريبات عالية الأهمية التي تصل إليه في أغلب حلقاته؛ لذا حصل بفعل هذه العوامل على قاعدة جماهيرية واسعة.
صنع عدة حلقات عن قادة المقاومة المشتهرين المعروفين منهم والمغمورين، ثم مع بداية عملية طوفان الأقصى اختزل كل جهده في النشر لهذه العملية والتنويه برجالاتها والتحليل السياسي وفق معطياتها على مدار موسمين من سلسلة حلقات برنامجه على اليوتيوب.

2. قناة المخبر الاقتصادي:

كان ضمن استراتيجيات المقاومة في حربها على الصهاينة إضعاف الاقتصاد الذي يقوم عليه الكيان اللقيط، وذلك من خلال الاستنزاف الدائم لها من الداخل خلال القتال العسكري، وهذا ما صرح به أبو عبيدة من خلال بعض خطاباته، ومن الخارج المقاطعة التي انتدب لها أشراف الأمة وحرضوا عليها واستجابت لهم الشعوب، وقامت حملات واسعة بالتعريف بالبضائع التي تديم بقاء الكيان اللقيط، مما سبب خسارة أخرى للعدو.

فكانت حملة “قاطع” بالعراق لها جهد موفق في تبيين البضائع بشكل دقيق، وتوزيع الإعلانات ولصقها في الشوارع، والقيام بالندوات التي تبين أهمية المقاطعة.
ومن غرائب هذا الزمن أنّ بعض المنفصلين عن قضيتنا دينًا ونسبًا قاموا بالمقاطعة في بلدان الغرب، بينما بعض مشايخ العهر والفجور أخذوا بأعلى أصواتهم يحذّرون من المقاطعة ويُعلنون أنها مخالفة للشريعة الغراء ولا تجوز إلا بإذن ولي الأمر! ولا أدري إنْ كان ثمّة تحاليل مختبريّة للدياثة العقدية وقلة النخوة العربية، تُرى ماذا ستكون نتيجة التحليل عند هؤلاء الخنازير؟!
ولعل البعض يظن الكلام أعلاه مجرد كلام إنشائي عاطفي يبوح به المكلوم ليخفف عن نفسه، لكنْ تولّى الدكتور أشرف علي -صاحب قناة المُخبر الاقتصادي- عمَل حلقات عدة حول بيان موارد اقتصاد الكيان والضعف والتدهور الحاصل فيها نتيجة الحرب والمقاطعة والاستنزاف المستمر لها، وبيَّن الأسس الاقتصادية التي يقوم عليها جيش الكيان والموساد.

3. قناة سما القدس:

كتبت قناة سما القدس في التعريف بنفسها بأنها منظومة إعلامية تخاطب الفلسطينيين في كافة أماكن وجودهم، وتلامس واقعهم واحتياجاتهم.

قدمت القناة مجموعة من السلاسل المهمة في نصرة قضيتنا، منها:
o الرائي:
وهي سلسلة يستنطق بها معد البرنامج أصواتَ أشياء هامدةٍ، وأجسادٍ راحلةٍ، بأسلوب سهل، يبيّن أهميتها في نصرة فلسطين.
o جسر بودكاست:
وهو أكثر بودكاست تفاعَل مع القضية الفلسطينية وقام بعمل حلقات عدة مع أنصار القضية بمختلف مناصبهم، فمنهم القائد المقاوم، ومنهم المحلل السياسي، ومنهم الباحث الشرعي، كل منهم يقدم الخلاصة النافعة التي تعرِّف بالقضية، وتفتّح عقول جيل الطوفان.
o شخصيات:
وهي سلسلة حلقات تبين فيها مجموعة من الشخصيات الفعالة من مختلف الهويات التي ساهمت في نصرة القضية الفلسطينية.
وغيرها من السلاسل النافعة المتميزة في بابها.

4. قناة عين على التراث:

وهي قناة تهتم بعمل وثائقيات تراثية بمختلف صنوف التراث، فتشرق بك على عوالم الأدب، وترجعك إلى التاريخ، مهتمة بتوثيق أعلام النهضة، يقوم عليها الأستاذ أحمد صبري. ومن جملة ما صنع في دعم القضية الفلسطينية: سلسلة بعنوان “هؤلاء المصلحون والأرض المباركة” استضاف فيها مجموعة من الباحثين، تكلم كل واحد منهم عن موقف عالم من علماء أمتنا من القضية الفلسطينية، ردًّا على الهيئات العلمائية الفاسدة الخاضعة لأهواء السلاطين في زماننا الحاضر، ممن أَغلقَت فمها وتناسَت واجبَها في التحريض على جهاد العدو الأكبر.

5. قناة بسط بودكاست:

وهو بودكاست يقوم عليه الأستاذ محمد فتوح، يشتبك مع القضايا الفكرية المعاصرة. وكان للطوفان نصيب كبير من حلقاته، باستضافة مجموعة من الشخصيات المهمة.

وفي الختام لا أزعم أني استوفيت كل صوتٍ إعلاميّ حُرٍّ وقَف معَ قضيّتي وساندَها وبثّها في العالَمِين، ولا أقول إنّ كلّ مَن دعمَني فهو المبرَّأ من كلّ عَيب، لكنّ غاية الكتابة استقراء لِمَوقفٍ تاريخيٍّ محدَّد في نازلة من نوازل العصر، ولعلّ موضوع مقالي يتوسَّع إلى كتابٍ أوسَع مفصَّل شامل.
يا أبناء سعيد بن المسيب وأحمد بن حنبل والعز بن عبد السلام وابن تيمية الإمام، كونوا لأمة نبيكم خير ناصر قويّ مَتين، ولا تتركوا شرَف نصرتها لغير أهل هذا الدين، ولا تستهينوا بجهدكم اليسير، واحتسبوا أجركم عند العلي الكبير، ولا تسكتوا عن النكير، على إخوة القرد والخنزير، ولا تشمتوا عدوكم بتفرقكم فتكونوا أضحوكة لكل مطبّعٍ خوّانٍ حقير.
أيها الجيل الواعي: عرّفوا بقضيتكم في كل مكان، وأعلنوها بصوت عالٍ يخترق الزمان: نحن أمة القرآن، نحن موجة الطوفان، لا يضرنا الخذلان، ولا ننتظر دعم السلطان، ولا فتوى عالم فتّان، نحن أمة خير الأنام، نحن أمة القادة العظام، حررنا القدس أمس، وسنحررها اليوم بدماء الأحرار، بعون الله العزيز الجبار.

 

___________________________________________________________________________________________

اقرأ أيضًا:

النكسة المعكوسة وميلاد الوعي الجديد

كائنات لا نعرف ماذا تعمل

سلطان صلاح

كاتب عراقي، وباحث في التاريخ العربي والإسلامي، مهتم بشؤون الكتب والمكتبات، وتحقيق التراث. مدير تحرير مجلة روى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى