مقالات

نصيحة لمن يريد قراءة اللغة من المعاجم

نصيحة لمن يريد قراءة اللغة من المعاجم

 

طه محمد علي الأزهري

أديب وباحث لغوي من مصر

 

إنّ أكثرَ الدارسين يَنزِعون إلى حَصْرِ فوائد المعاجم في البحث عن معنى كلمةٍ ما، ثم يَرجِعونها إلى رفوفها يعلُوها التُّرابُ وَيَجُرُّ عليها الزمانُ ذُيولَ النسيان، وهذا من عينِ الجَوْرِ وبَخْسِ الناسِ أشياءَهُم؛ فَقَمِنٌ بهؤلاء الكرامِ الذين جمعوا اللغة بِتَشْتِيتِ أنفسِهم في البلاد وتَجَشُّمِ المَخاطِرِ وإتعابِ الخواطِرِ = أنْ نَمْتَحَ لهم من إنسَانِ عيوننا كما مَتَحُوا، وأن نُفصِحَ لهم بجميل الاطلاع على كتبهم كما أفصحوا.

وقد تصفَّحتُ فوجدتُ أنَّ نَظَرَ أهل النَّظَرِ في المعاجم لا يَحيد عن واحدةٍ من اثنَتَيْ عَشْرَةَ نَظرَةً كلُّها نافع لمَن طَلَبَ الشيءَ من مَعدِنِهِ:

– الأولى:

للبحث عن معنى الكلمة، وذلك مثل النظر في: لسان العرب لابن منظور ٧١١هـ، وتاج العروس لمُرتَضى الزَّبِيدي ١٢٠٥هـ.

– الثانية:

للبحث عن قافية يُستَعَانُ بها في نظم الشعر وتَسْجِيعِ النثر، وذلك كالنظر في: معجم ديوان الأدب لأبي إبراهيمَ الفارَابِيِّ ٣٨٠هـ، ومعجم لسان العرب لابن منظور ٧١١هـ الطبعة الأولى له، لا الطبعة التي مَسَخَت بعضَ مُرادِ صاحب اللسان من اللسان.

– الثالثة:

للبحث عن جُمَلِ المَعانِي وتفصيلِها في أجزاء الكائنات، وفي الأحوال والصفات والهيئات، وضروب الأشياء، وذلك كالنظر في: المُخَصَّص لابن سِيدَهْ ٤٥٨هـ، (وهذا الكتابُ كنز عظيم جدًّا لا غنى عنه؛ فلم يأتِ مثلُه في بابِهِ أجمَعَ منه لمادَّتِه)، ومعجم الشاة والإبل للأصمعي ٢١٦هـ، إلا أنه خاصّ بالشاة والإبل فقط.

– الرابعة:

للبحث عن الفروق الدقيقة بين الكلمات التي يُظَنُّ فيها الترادُفُ، وذلك كالنظر في: كتاب الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري ٣٩٥هـ.

– الخامسة:

للبحث عن الأصل الواحد الذي تتفرع عليه فروع الجذر اللغوي، وذلك كالنظر في: معجم مقاييس اللغة لأحمدَ بن فارسٍ ٣٩٥هـ، وهذا كتابٌ جليلٌ؛ فلم يُسبَقْ ولم يُلْحَق في بابه، يُحسِنُ الاستعانةَ به مَنْ يستنبطُ دلالة الكلمة مستصحِبًا سياقَها وأصلَها الذي ترجع إليه.

وقد وجدتُ هذا المَنزَعَ عند أبي العباسِ المُبَرِّد ٢٨٥هـ في كتابه: الكامل. وعند محمود شاكر ١٤١٨هـ في كل كتبه، خصوصا كتاب: نمط صعب ونمط مخيف، وقد أبان هو عن ذلك في سطر ونصف في بداية هذا الكتاب.

– السادسة:

للبحث عن كُلِّياتِ المعاني والتراكيب اللغوي، وذلك كالنظر في: فقه اللغة وسرّ العربية لأبي منصور الثعالبي ٤٢٩هـ.

– السابعة:

للبحث عن معنى المفردة القرآنية، وذلك كالنظر في: غريب القرآن لابن قتيبة الدِّينَوَرِيِّ ٢٨٦هـ، والمفردات في غريب القرآن الكريم للراغب الأصفهاني ٤١٢هـ.

– الثامنة:

للبحث عن معنى المفردة في الحديث النبوي والأثر، وذلك كالنظر في: غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام ٢٢٤هـ، وغريب الحديث لِحَمْدِ بن إبراهيم الخطابي ٣٨٨هـ، والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير ٦٠٦هـ.

– التاسعة:

للبحث عن المعاني المجازية للكلمة، وذلك كالنظر في: أساس البلاغة لمحمود بن عمر الزَّمَخشَرِيِّ ٥٣٨هـ.

   

– العاشرة:

للبحث عن ضِدِّ الكلمة، وذلك كالنظر في: الأضداد لابن الأنباري ٣٢٨هـ.

– الحادية عشر:

للبحث عن المذكر والمؤنث، وذلك كالنظر في المذكر والمؤنث لابن الأنباري ٣٢٨هـ ولابن التُّسْتَرِيِّ الكاتِب ٣٦١هـ.

  

– الثانية عشر:

للبحث عن التطوُّر الدلالي للكلمة في مختلف العصور، وذلك كالنظر في: معجم الدوحة التاريخي، ومعجم الشارقة التاريخي، ومعجم لغة الشعر العربي التابع لمجمع اللغة العربية بالقاهرة.

زِد على ذلك: كتُب المصطلحات في كلّ فنِّ، ففي الفقه مثلًا: كتاب الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي لأبي منصور الأزهري ٣٧٠هـ، وكتاب شرح غَرِيب أَلْفَاظ الْمُدَوَّنَة في الفقه المالكي للجُبِّي… وهلُمَّ جرَّا.

editor

هيئة التحرير بمجلة روى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى