العدد الرابعدراسات

رسالة في بيان المعجزات

لمحيي الدين الكافيجي

رسالة في بيان المعجزات
لمحيي الدين الكافيجي (ت 879هـ)

تحقيق: إلهام الصيّاح

مقدمة:

إن هذه المخطوطة احتوت على رسالة تتحدّث عن بيان المعجزات التي كانت برهانًا على صدق الرسالات السماوية، وقد آثر صاحب هذه الرسالة أن يجعلها في خمسة مطالب، أولها: إيضاح المقصود بالمعجزة لغويًا واصطلاحيًا وبيان شروطها، ثانيها: التأكيد على أن المعجزة تكون في الأمور العادية المألوفة، وثالثها: أن لا تكون المعجزة في الأمور العقلية أو السمعية المتناقلة، فتكون مُدرَكة لدى الناظر فيها، رابعها: يتحدّث فيه عن حكمة وجود المعجزات، أما المطلب الخامس فيتحدّث عن فائدة هذه المعجزات وخوارق العادات.

وهذه الرسالة من تأليف محيي الدين أبي عبد الله محمد بن سعد بن مسعود، الرومي الحنفي، المعروف بالكافيجي، ولقب بذلك لكثرة اشتغاله بكتاب “الكافية” في النحو لابن الحاجب. ولد في بلاد صروخان سنة ثمان وثمانين وسبعمئة للهجرة، واشتغل بطلب العلم أول ما بلغ، ورحل إلى بلاد العجم والتقى بالعلماء الأجلاء، وقدم الشام، ثم ذهب إلى القدس، وبعدها إلى القاهرة، فأقام في مدرسة البرقوقية سنين، والتقى في القاهرة بكثير من العلماء المحققين، وظهرت فضائله بين أهل العلم، ومن أبرز شيوخه: شمس الدين الفنري، وحافظ الدين البزازي، وابن فرشتا (ابن ملك). له تصانيف كثيرة زادت عن المئة، أكثرها رسائل، منها: (مختصر في علم التاريخ)، و(أنوار السعادة في شرح كلمتي الشهادة)، وحاشية على تفسير البضاوي، وحاشية على تفسير الزمخشري، وغير ذلك. [يُنظَر: الأعلام، للزركلي (6/ 150)].

وهذه الرسالة المخطوطة التي بين أيدينا تقع ضمن مجموع خطّيٍّ محفوظ بمكتبة تشستربيتي بدبلن – أيرلندا، تحت رقم (9153 / 2).

النصُّ المحقَّق:

هذه رسالةٌ في بيانِ المُعجِزاتِ
تأليفُ الشيخِ الإمامِ العالمِ العلّامة
أبي عبد الله محيي الدّين الكافيجي الحنفي
عامله الله بلطفه الجلي والخفي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله خالق المبدعات، والصلاة على رسوله المُؤيَّد بالمُعجزات، وعلى آله وأصحابه أولي الكرامات، وبعد:

فهذه رسالة في بيان المعجزات، وخوارق العادات، وفيها مَطالب.

المطلبُ الأوَّلُ: أنَّ المُعجِزَةَ في اللّغَةِ هي التي تجعل غيرها عاجزًا عن أمرٍ ما، فتكون التاءُ فيه أصلية ويجوزُ أن تكونَ للنقل، كما في حقيقة، وأمّا أخذها من نحو قولكَ: أَعجزْتُ الرَّجُلَ؛ فليسَ بِمناسِبٍ لهذا المقام. والمُراد منها في الاصطلاحِ: ما قُصِدَ بهِ إظهارُ صدقِ من ادّعى أنَّهُ رسولٌ. ولها شروط: وهي أن تكونَ فِعلُ اللهِ تعالى؛ لتكونَ من قِبَلِه، وأن تكونَ خارقةً للعادَةِ، إلى غير ذلك من سائر شروطِها المُفصّلة في محلها؛ فيكونُ مناطُها المُمكن لا الواجب، ولا المُمتَنِع، وَمُظهِرُها يدّعي النّبوّةَ.

والمطلب الثاني: أنّها تكونُ في الأمورِ العاديّة؛ حتّى تكونَ خارقةً للعادَةٍ، ولا تكونُ في غيرها حتّى لا يرتفعَ الأمانُ عن الضروريّات، والوثوق عن أحكامِ العقلِ.

والمَطلَبُ الثّالثِ: أنَّ جهةَ دلالتها على صدقهِ عاديّةٌ لا عقليّة، ولا سمعيّة، على ما حُقِّقَ في موضعه.

والمطلبُ الرّابِعِ: أنَّ حِكْمَتَها هي احتياجُ النّفوسِ في تحصيلِ كمالها على حدٍّ إلى مؤيَّدِ بالمُعجِزَةِ.

والمطلبُ الخامِسِ: أنَّ مصلحتها وفائدتها، هي حصولُ كمالها على وجهٍ مُعتَبَر مع الأمنِ مما يُنافيهِ.

وفي هذا القَدرِ اليسير من الكَلامِ، نوعُ تنبيهٍ على المرامِ، والحمد لله على نعمة التّيسير للأنام، والصلاة على رسولهِ أفضل الرّسلِ الكِرام، وعلى آله وأصحابه أئمّة دين الإسلام.

وذلكَ بحادي عشر شهرِ رمضان المبارك سنةَ … وسبعمئة هجري.

 

* * *

 

اقرأ أيضًا:

رسالة في استثناء {إلا ما شاء ربك}

رسالة في تصحيح تركيب “أكثر من أن يحصى”

رسالة في إعراب كلمة التوحيد وتحقيق معناها

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى