العدد الثالثدراسات

لغويّات وإشكالات في تقديم “الظاهرة القرآنيّة”

لغويّات وإشكالات
في تقديم “الظاهرة القرآنيّة”

 

د. محمد جمعة الدِّربيّ

لغويّات وإشكالات في تقديم "الظاهرة القرآنيّة"
لغويّات وإشكالات في تقديم “الظاهرة القرآنيّة”

 

توطئة:

للتقديم قيمة كبيرة في التأليف العربيّ، ويُعَدّ في الدَّرس اللسانيّ والنقد الأدبيّ التطبيقيّ الحديث من عتبات النص paratexte  التي تتماسّ مع المتن -بطريقة مباشرة أو غير مباشرة- بُغية استيعابه وتأويله والإحاطة به؛ حيث يساعد التقديم بجانب العتبات الأخرى مثل الغلاف والعنوان وأيقون دار النشر والإهداء وكلمة الناشر ونوع الخط في إضاءة النص الدَّاخليّ([1]).

والتقديم نوعان، الأول: خطبة الكتاب التي توضِّح سبب التأليف ومحتوياته، ومقدِّمة تحقيق الكتاب التي تبيِّن قيمته والنُّسَخ المعتمدة والمنهج المتَّبع في تحقيقه. والثاني: تصدير مُراجِع الكتاب الذي يركِّز على جهد المحقِّق ومحاسنه وأخطائه، ويقع توطئة وتمهيدًا للكتاب قبل التقديم؛ وكأن هذا التصدير صَدْر للكتاب؛ ففي الصحاح للجوهري (ت بعد 393هـ): “صدَّر كتابه: جعل له صَدْرًا”([2])؛ أي مقدِّمة، وفي المعجم الوسيط أشهر معجمات مجمع اللغة المصريّ: “صدَّر الكتابَ: افتتحه بمقدِّمة”([3]).

ويعنينا هنا النوع الثاني للتقديم المعبَّر عنه أحيانًا في الكتابات الحديثة بلفظ التصدير، وللَّفظ أصلٌ قديم يُفهَم من قول السيوطيّ (ت911هـ): “وهذا تصدير ألقيتُه بحضرة شيخنا العلّامة محيي الدين الكافيجي وجماعة المدرسة، وذلك في رجب سنة سبع وسبعين وثمانمئة”([4]). وقد يُطلَق على التصدير لفظ التقديم قبل مقدِّمة المؤلِّف أو المحقِّق أو المترجِم، ويُوصَف التصدير أحيانًا بأنه (تقريظ) أو (تقديم ونقْد) إيمانًا بوظيفة التصدير([5])؛ ولهذا لا يُفضَّل تصدير الأب لابنه؛ لأن الأبوَّة تحُول دون تمام النقد([6]).

وربما يُسمَّى التصدير والتقديم بالدِّيباجة أو الافتتاحيَّة لا سيَّما في مُفتتَح المجلات، وقد يُوضَع التصدير في سلاسل النشر تحت عنوان (كلمة عامَّة) أو (هذا الكتاب).

ومن المبالغة وضع أكثر من تصدير -أو تقديم- للنشرة الواحدة مثل الطبعة الثانية من معجم الصحاح التي افتتحها المحقِّق بمقدِّمة جديدة له من ثلاث صفحات سمَّاها (مقدِّمة الطبعة الثانية)، بعدها مقدِّمة من خمس صفحات باسم (مقدِّمة الصحاح) بقلم حضرة صاحب السموّ الملكيّ الأمير فهد بن عبد العزيز، بعدها صفحتان بعنوان (كلمة حضرة صاحب السماحة العلّامة الكبير الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ)، بعدها بحث للمحقِّق من إحدى وعشرين صفحة بعنوان (الجوهري مبتكر منهج الصحاح)، بعدها كلمة من أربع عشرة صفحة بقلم الدكتور بكري شيخ أمين بعنوان (الأثر الخالد معجم الصحاح تهذيبه ومقدِّمته)!

والأشدُّ مرارة من ذلك كتابةُ أسماء المقدِّمين والمصدِّرين -في حالة التعدُّد- على غلاف الكتاب؛ فيطغى اسمهم عمدًا على اسم المؤلِّف أو المحقِّق أو المترجم([7])! ومن النادر إطلاق التقديم على الإهداء أو الشكر؛ وهو الذي فعله الأستاذ يوسف سركيس تحت عنوان (تقدمة الكتاب)؛ حيث خصَّص هذا العنوان لشكر الأستاذ أحمد باشا تيمور الذي ساعده في تأليف معجمه([8])!

وأما كتاب الظاهرة القرآنية فهو  كتاب مشهور للكاتب الجزائري مالك بن نبي، ترجمه الدكتور عبد الصبور شاهين، وقدَّم له الشيخ محمود محمد شاكر؛ ويبدو أن شاكرًا كان ينتقي الكتب التي يكتب لها تقديمًا؛ فقد صدَّر لكتاب (دراسات لأسلوب القرآن الكريم)، ووصفَه بأنه معجم نحويّ صرفيّ للقرآن العظيم! وقرَّظ كتاب (تاريخ الدعوة إلى العاميّة وآثارها في مصر)، ووصَف الجهد المبذول في جمع مادته بأنّه دليل على التجرُّد الصحيح السليم في طلب المعرفة.

وتصدير شاكر للكتب الثلاثة يُظهِر -كما تُظهِر كتب شاكر الأخرى- حُبَّه للعربية، ونظرته إلى لغة القرآن على أنها أمانة يجب الحفاظ عليها، وأن معرفة العربية وحِذقها والتوغُّل في شعرها وبيانها وأساليبها أصلٌ من الأصول لا يحلّ لمن يتكلم في القرآن أن يتكلَّم فيه حتى يُحسنه ويحذقه([9])، ولكنَّ تصدير شاكر لكتاب الظاهرة القرآنيَّة يكشف عن بعض الملامح اللغويَّة مثل: ثراء معجمه اللغويّ، وتوسُّعه في الاستعمال، ويثير التصدير أيضًا بعض الإشكالات التي يجب التنبيه عليها مثل: الأخطاء المطبعيَّة في بعض الطبعات، والاختلاف اللغويّ والتدليس بين الطبعات؛ وفي الصفحات التالية نصوص ونماذج؛ ويكفي من القلادة ما أحاط بالجِيد.

أولًا: ثراء المعجم اللغويّ:

يكشف تقديم الشيخ شاكر للظاهرة القرآنيَّة عن ثراء معجمه اللغويّ مثل قوله: “وهذا الذي اقتصصتُه لك تاريخٌ مختصَرٌ أشدَّ الاختصار… …النظر المجرَّد والمنطق المتساوق والتمحيص المتتابع… …يقتضيني جواب هذه المسألة أن أقتصَّ قصة أخرى… …فكان نصيبه من إنشادهم وتقصيدهم القصائد أقلَّ مما كان في جاهليتهم”([10]).

والفعل (اقتصَّ) يشيع استعماله بمعنى: أخذَ القِصاص، أو تتبَّع الأثرَ. وأما رواية الخبر على وجهه فيشيع فيها الفعل (قصَّ)؛ وفي القرآن الكريم: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف:3]، ولكنَّ شاكرًا آثر الصيغة غير الثلاثية، واختار التعدية باللام، ولم يخرج عن كلام الفصحاء([11])، ويبدو أن شاكرًا يميل إلى الصيغ غير الثلاثية مثل: احتمل، واقتدر([12]). وأما الفعل (تساوَق) فهو بمعنى تتابعَ، وهو من الأفعال التي على وزن تفاعل للواحد([13])، وأما التقصيد فمعناه التهذيب والتنقيح والتجويد.

ولم يذكر أيًّا من هذه المفردات المعجميَّة الأستاذ منذر أبو شعر في كتابه (معجم محمود محمد شاكر) الذي لم يمثِّل لغة شاكر تمثيلًا حقيقيًّا؛ وقد أكَّدتُ ذلك في بحثي (مراجعة نقدية لمعجم محمود محمد شاكر)([14])، وأشرتُ هنالك إلى الفعل (قصَّد).

ثانيًا: التوسُّع في الاستعمال:

يلفت نظرنا أيضًا في تقديم شاكر توسُّعه اللغويّ، ويمكن التمثيل بقوله: “فقد صوَّر لك مشكلة الشباب المسلم المتعلِّم في هذا العصر، وما كان قاساه، وما يزال يقاسيه(!) من العنت في إدراك إعجاز القرآن إدراكًا يرضاه ويطمئن إليه… …وكل ما عند القدماء من ذكر الشِّعر الجاهليِّ في تفسيرهم فهو أنهم يستدلّون به على معنى حرف في القرآن… …لا معنى لها البتة إلا أن يكون كان في طاقة هؤلاء السامعين أن يميِّزوا تمييزًا واضحًا بين الكلام الذي هو من نحو كلام البشر، والكلام الذي ليس من نحو كلامهم… …وعلى الذي تلقَّوه به من اللَّدد في الخصومة والعناد لم يلبث أن استجاب له النفر بعد النفر…”([15]).

والفصاحة تقتضي (وما لا يزال)؛ لأن (ما) هنا معطوفة، وكان في إمكان شاكر أن يقول: (وما كان قاساه ولا يزال يقاسيهـ)، أو (وما كان قاساه والذي لا يزال يقاسيهـ). ولكن يمكن القول إن جملة    “وما يزال يقاسيه” اعتراضية؛ ولا إشكال في استعمال (ما) مع المضارع، وإن أنكره بعض المعاصرين من علماء التنقية اللغويَّة الذين يوجبون استعمال (ما) مع الماضي فقط؛ فيقال: (ما زال) مثل: (ما انفكَّ)،    و(ما برِح)، و(ما فتئ)، ويزعمون أن (لا) تأتي مع المضارع! والعجيب أن هؤلاء احتجُّوا بلغة القرآن الكريم مثل قول الله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217]، وقوله: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118]، وقوله: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ} [الرعد: 31]، وقوله: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ} [الحج: 55].

والحق أنَّ الاستعمال القرآنيّ يصلح للإثبات لا للنفي([16])، بمعنى ” أنه يصلح دليلًا على صحة الاستعمال المعيَّن ولكن لا يصلح دليلًا على خطأ ما عداه؛ فالقرآن لم يجمع اللغة العربية جميعها، والقرآن ليس هو المصدر الوحيد للصحة اللغوية، ورُبَّ عبارة لم يأت بها القرآن جاء بها غيره من النصوص الموثَّقة فارتفع الحرج عن استعمالها”([17])، وقد جاء الفعل (يزال) مسبوقًا بالأداة (ما) في رواية الكُشْميِهَني لصحيح البخاريّ: “وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه”([18])، وفى الصّحيح أيضًا: “عليكم بالصِّدق؛ فإنَّ الصِّدق يهدي إلى البِرّ، وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنَّة. وما يزال الرجل يصدُق ويتحرَّى الصِّدق حتى يُكتَب عند الله صِدِّيقًا. وإيّاكم والكذبَ؛ فإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرَّى الكذب حتى يُكتَب عند الله كذَّابًا”([19])؛ ويبدو أن شاكرًا أدرك صحة الاستعمال؛ حيث استعمله في برنامج طبقات فحول الشعراء([20]). وقد استعمل شاكر الفصيح المشهور في أحد مقالاته حين قال: “لا بدَّ من دراسة اللهجات العامِّيَّة في البلاد العربية كلها دراسةَ تبويبٍ وتقسيمٍ وفهم، ولا بدَّ من ردِّ كل طارئ على هذه اللهجات إلى الأصول القديمة التي لا تزال باقية متوارثة في سلائق الشعوب التي تنطق بالعربية إلى يوم الناس هذا”([21])؛ ولا يخفى ما في هذه المقولة من فهم عميق للهجات والعاميَّات الحديثة.

ونؤكِّد أن (ما) لا تأتي مع مضارع (زال) فقط؛ فقد سُمعتْ مع مضارع (انفكَّ) مثل قول جِدْل الطِّعان الكنانيّ([22]):

وإياك والحربَ التي لا أديمها        صحيحٌ وما تنفكّ تأتي على الرَّغْم

وأما الفاء في قول شاكر “فهو أنهم” فيجوز إدخالها في خبر الموصول؛ وفي القرآن الكريم: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [الحج:57]، و(كلّ) تشبه الشرط في العموم والترتيب، كما أن المضاف والمضاف إليه كالكلمة الواحدة.

ثالثًا: الأخطاء المطبعيَّة في بعض الطبعات:

ويسترعي النظر كذلك أن كتاب الظاهرة القرآنيَّة طُبع بتقديم شاكر أكثر من مرة، كما نُشر تقديمُه ضمن كتاب (مداخل إعجاز القرآن) الذي قدَّم له فِهر محمود شاكر. ولم تسلم طبعة الهيئة العامة لقصور الثقافة من بعض الأخطاء التي سلِمتْ منها الطبعات السابقة عليها، وقد يكون الأمر هيِّنًا في حالة الخطأ الواحد، ولكنَّ الأخطاء كثيرة يجب التنبيه عليها، ويمكن التمثيل بقول شاكر: “بقيت أيضًا معارك الثقافة على تطاولها سرًّا خافيًا لا يتدراسه([23])(!) قادة الثقافة الإسلامية وجندها… …فمنهج التفسير القديم يجب أن يتعَّدل([24])(!)… …هذا المقروء عليهم كان هو في نفسه آية أوضح([25]) الدليل على أنه ليس من كلامه هو، ولا من كلام بشر مثله، ثم أيضًا لا معنى لها البتة إلا أن يكون وكان([26])(!) في طاقة هؤلاء السامعين أن يميِّزوا تمييزًا واضحًا بين الكلام الذي هو من نحو كلام البشر، والكلام الذي ليس من نحو كلامهم… …ولكن بقي ما لابد(!) منه([27])… …فالشعر الجاهليّ هو أساس مكشلة([28])(!) إعجاز القرآن… …تخالطة ضغينة مسكَّنة([29])(!) للعرب وللإسلام… …وغاضبهم تربّد(!) شحنته([30])… …ويكشف لنا الشر(!) الجاهليّ عن أروع روائعه… …الجودة والرَّداءة والسلاسلة([31])(!) والانعقاد… …وتماثلها في السلاسلة([32])(!) والإعراب… …”([33]).

بل سقطَ من هذه الطبعة ما يلقي عليها ظلالًا من الضعف والتوهين([34])! وقد وقع التنوين في هذا التقديم على الألف كما وقع في التصدير لكتاب عضيمة؛ فهل هذا اختيار الشيخ شاكر اقتداء ببعض القدماء الذين اختاروا وضع التنوين بالفتح على الألف؟ أو أن هذا من آثار الطباعة؟

رابعًا: الاختلاف اللغويّ والتدليس بين الطبعات:

بقي أن أشير إلى اختلاف مقدِّمة شاكر للظاهرة القرآنيِّة بين الطبعات؛ فعبارة: “لا معنى لها البتة إلا أن يكون وكان(!) في طاقة هؤلاء السامعين أن يميِّزوا”([35]) وقعت في طبعة دار الفكر (ط/1985م) ص27 بدون واو العطف (يكون كان)! ووقعتْ بالواو في طبعة دار الفكر (ط4/1987م)! ووقعت في كتاب مداخل إعجاز القرآن ص157 بدون (كان)!

وعبارة: “تخالطة ضغينة مسكَّنة للعرب وللإسلام”([36]) وقعتْ في طبعة دار الفكر (ط/1985م)، و(ط4/1987م) ص34 بلفظ: “مستكينة”! وفي مداخل إعجاز القرآن ص167 بلفظ: “مُستكنَّة” ؛ أي: مستترة؛ وهو الأقرب إلى السياق وإلى لغة شاكر([37]).

وعبارة: “وكسجية النطق في البِضعة المتجلجلة المسمَّاة باللسان”([38]) وقعت في طبعة مجلة الأزهر ص37 بلفظ: “المتلجلجة” بتقديم اللامين!

ومن حقِّنا أن نتساءل: هل غيَّر الدكتور فِهر -وهو الذي نشر بعد وفاة أبيه كتاب مداخل إعجاز القرآن وقدَّم له- بعضَ الكلمات بناءً على تعديلات رآها بقلم أبيه في النسخة المخطوطة أو في إحدى النشرات؟ وهبْ أنه فعل ذلك فلماذا لم يُشِر كما كان أبوه شاكر يشير غالبًا إلى ما يجري في عمله من تعديل؟ أو أن أيدي الناشرين تطاولتْ؟ من حقِّنا أن نتساءل: لماذا اختلفت مقدِّمة شاكر للظاهرة القرآنيَّة؟

خاتمة:

لا شكَّ أن الجهود اللغوية للشيخ محمود شاكر متنوعة؛ فتحقيقاته غير مقصورة على جانب محدَّد من اللغة؛ ففيها التثقيف اللغويّ والتفسير والبلاغة والحديث. ولم تقتصر جهود شاكر على التصحيح والتحقيق؛ فقد راجع تحقيقات بعض الأكابر؛ يقول الأستاذ عبد الستار فراج في مقدمة تحقيقه لشرح أشعار الهذليِّين: “وإذا كنتُ قد قمتُ بجهد في هذا الكتاب؛ فإن الأخ العالم الحجَّة الأستاذ محمود محمد شاكر قد بذل مجهودًا أكبر في مراجعة هذا الكتاب كلمةً كلمةً قبل أن يُدفَعَ إلى المطبعة؛ فاستدرك ما لم أُوفِّه، وأضاف بعضَ ما يقتضيه البيان، وصحَّح ما أخطأتُ فيه أو سهوتُ عنه، ونسَب من الشواهد بعضَ ما لم أعرفه، وما لم تسعفني مراجعي في نسبته، ثم تفضَّل مشكورًا كلَّ الشكر؛ فكان يراجع تجارب المطبعة مرتين بعد أن أراجعها مرتين؛ كل ذلك ليخرج الكتاب أقرب ما يكون إلى الصحة والكمال، هذا إلى جانب اختياره للصورة الجميلة التي ظهر فيها الكتاب؛ فجزاه الله أحسن الجزاء على حبّه للعلم والإخلاص في خدمته”([39])!

وقد فطن كثير من الباحثين إلى هذه الجهود الشاكريَّة، ولكن من الضروريّ لفت الانتباه إلى ما كتبه من تصديراتٍ (تقديمات) لكتب غيره؛ ففي هذه التصديرات ظواهر وإشكالات؛ وقد تناولنا في الصفحات السابقة تصديرَه لكتاب (الظاهرة القرآنيَّة) على سبيل المثال لا الحصر([40])، وكشفنا عن بعض الملامح اللغويَّة، وبعض الأخطاء والإشكالات التي يجب إصلاحها في الطبعات الأخرى الجديدة من الظاهرة القرآنيَّة.

المصادر والمراجع:

  • أباطيل وأسمار- محمود محمد شاكر- مطبعة المدني- القاهرة- مصر ط2/1972م.
  • تاج العروس للزبيديّ (ت1205هـ)- تحقيق مجموعة من الأساتذة- التراث العربيّ (16)- سلسلة تصدرها وزارة الإعلام (الإرشاد والأنباء)- مطبعة حكومة الكويت- الكويت ط1/1965-2001م.
  • تاريخ الدعوة إلى العاميَّة وآثارها في مصر- نفوسة زكريا- دار المعارف- القاهرة- مصر ط2/1980م.
  • التحدُّث بنعمة الله للسيوطيّ (911هـ)-تحقيق اليزابث ماري سارتين- الذخائر (106)- الهيئة العامة لقصور الثقافة- القاهرة- مصر ط/2003م.
  • تفسير الطبري (ت310هـ) حقَّقه وعلَّق حواشيه محمود محمد شاكر، وراجعه وخرَّج أحاديثه أحمد محمد شاكر- دار المعارف- القاهرة- مصر ط/54- 1969م.
  • جمهرة مقالات الأستاذ محمود محمد شاكر- جمعها وقرأها وقدَّم لها الدكتور عادل سليمان جمال- مكتبة الخانجي- القاهرة- مصر ط1/2003م.
  • خطأ لغوي في ديوان شوقي- د.محمد جمعة الدِّربيّ- عدد ربيع الأول- مجلة الأزهر- مجمع البحوث الإسلاميَّة- القاهرة- مصر ط/1437ه.
  • دراسات لأسلوب القرآن الكريم- تأليف محمد عبد الخالق عضيمة- تصدير محمود محمد شاكر- دار الحديث- القاهرة- مصر (د.ت).
  • دلالة تفاعل لغير الاشتراك بين دعوى القلة وكثرة الاستعمال- د.محمد جمعة الدِّربيّ- العدد 128- مجلة مجمع اللغة العربية- القاهرة- مصر ط/2014م.
  • ديوان المعاني للعسكري (ت395هـ)- مكتبة القدسي- القاهرة- مصر ط1/1352ه.
  • رسالة في الطريق إلى ثقافتنا- محمود محمد شاكر- مكتبة الأسرة- الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة- مصر ط/2009م.
  • شرح أشعار الهذليِّين للسكري (ت275هـ)- مطبعة المدني ومكتبة دار العروبة- القاهرة- مصر ط1/1965م.
  • الصحاح للجوهريّ (ت بعد 393هـ)- تحقيق أحمد عبد الغفور عطار- دار العلم للملايين- بيروت- لبنان ط2/1979م.
  • صحيح مسلم (ت261هـ)- تحقيق وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي- مطبعة دار إحياء الكتب العربية- القاهرة- مصر (د.ت).
  • طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحيّ (ت231هـ)- قرأه وشرحه محمود محمد شاكر-دار المدني- جدة- السعودية ط/1980م.
  • الطريقة المثلى في جمع القراءات العشر الصغرى- ضمن: الجمع بالآية مع الأدلة والتحريرات والتوجيهات وعدّ الآي- راجعه د.طارق عبد الحكيم عبد الستار البيومي والشيخ سلطان حسين إبراهيم وعلي محمد توفيق النحاس والشيخ هاني محمد بركات- إعداد يسري طه عبد الفتاح العبد- دار خير زاد للنشر والطباعة- القاهرة- مصر ط/2020م.
  • الظاهرة القرآنية- مالك بن نبي- ترجمة د. عبد الصبور شاهين- الهيئة العامة لقصور الثقافة- القاهرة- مصر ط/2001م، وطبعة بإشراف ندوة مالك بن نبي- دار الفكر- دمشق- سوريا ط/1985م، ط4/1987م(إعادة طبع 2000م)، ضمن هدايا عدد ذي الحجة- مجلة الأزهر- مجمع البحوث الإسلامية-القاهرة- مصر ط/1439ه.
  • العربية الصحيحة- د. أحمد مختار عمر- عالم الكتب – القاهرة- مصر ط2/1998م.
  • فتح الباري لابن حجر العسقلانيّ(ت852هـ)- عناية عبد العزيز بن باز ومحمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب- دار المعرفة- بيروت- لبنان(د.ت).
  • قيمة الغلاف في التأليف العربيّ- د.محمد جمعة الدِّربيّ- العدد 15- مجلة الربيئة- نادي الرقيم العلميّ- جمعية العلماء المسلمين الجزائريِّين- الجزائر ط/2019م.
  • المتنبي، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا- محمود محمد شاكر- مطبعة المدني ومكتبة الخانجي- القاهرة- مصر ط/1987م.
  • مداخل إعجاز القرآن- محمود محمد شاكر- قدَّم له فِهر محمود شاكر- مطبعة المدني- القاهرة- مصر ط/2001م.
  • معجم المطبوعات العربيَّة والمعرَّبة- جمعه ورتبه يوسف سركيس- مصوَّرة عن نشرة مطبعة سركيس بمصر 1928م- مكتبة الثقافة الدينية- القاهرة- مصر(د.ت).
  • المعجم الوسيط- مطبوعات مجمع اللغة العربية- القاهرة- مصر ط3/1985م.
  • معجم محمود محمد شاكر- إعداد منذر محمد سعيد أبو شعر- المكتب الإسلامي- بيروت- لبنان ط2/2007م.
  • من كنوز التراث في إعجاز القرآن: تناسق الدرر في تناسب الآيات والسور للحافظ جلال الدين السيوطي، والبرهان في توجيه متشابه القرآن بما(كذا!) فيه من الحجة والبيان لتاج القراء محمود بن حمزة الكرماني- قدَّم لهما بدراسة في إعجاز القرآن أ.د فتحي أحمد عبد الرحمن حجازي- تخريج وتحقيق أحمد فتحي عبد الرحمن- دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع- بيروت- لبنان ط/2008م.
  • النص الفكاهيّ في درس النحو- تأليف محمد صالح بن عمر- تقديم ونقد ثامر الغزي- المجلد 7 جـ26- مجلة علامات في النقد- النادي الأدبي الثقافي بجدة- السعودية ط/1997م.

 

 

الهوامش

([1]) وتحتاج إهداءات الكتب إلى دراسة نصيَّة؛ فمن المؤلِّفين من يُهدي عمله إلى زوجته وأولاده، ومنهم من يهديه إلى مؤلِّف قديم، وقد أهدى الأستاذ محمود محمد شاكر تحقيق طبقات فحول الشعراء إلى مجلة المورد العراقيَّة.

([2]) الصحاح للجوهري (ص د ر) جـ2/710.

([3]) المعجم الوسيط (ص د ر) جـ1/529، ولم يذكر الوسيط هذا المعنى في حرف القاف؛ فانظر إلى سوء الإحالة، والخلط بين المعاني الحديثة للتصدير والتقديم!

([4]) التحدث بنعمة الله للسيوطيّ ص92.

([5]) مثل كتاب: النص الفكاهيّ في درس النحو- تأليف محمد صالح بن عمر.

([6]) يمكن التمثيل بكتاب: من كنوز التراث في إعجاز القرآن: تناسق الدرر في تناسب الآيات والسور للحافظ جلال الدين السيوطي، والبرهان في توجيه متشابه القرآن بما (كذا!) فيه من الحجة والبيان لتاج القراء محمود بن حمزة الكرماني. وقد صدَر الكتاب في طبعات كثيرة سابقة باسم (البرهان فى توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبيان).

([7]) يمكن التمثيل بغلاف كتاب:الطريقة المثلى في جمع القراءات العشر الصغرى؛ وفيه أسماء المراجعين بوظائفهم قبل اسم المؤلِّف؛ وهدفها جذب الأنظار إلى أسماء المراجعين ترويجًا للكتاب الذي يرى مؤلِّفه أو محقِّقه أنه لا يزال مغمورًا!

([8]) معجم المطبوعات العربيَّة والمعرَّبة- جمعه ورتبه يوسف سركيس (تقدمة الكتاب).

([9]) راجع تقديم شاكر للظاهرة القرآنية- الهيئة العامة لقصور الثقافة- القاهرة ص25 ، 39، 49، وكتابه أباطيل وأسمار ص241، وراجع برنامجه لطبقات فحول الشعراء لابن سلام ص44، 140، وتفسير الطبري (ت310ه) بتحقيقه وتعليقه جـ4/416.

([10]) الظاهرة القرآنية ص38، 43، 48، 53.

([11]) تاج العروس للزبيديّ (ق ص ص) جـ18/107.

([12]) راجع تقديمه للظاهرة القرآنية ص41- 42.

([13]) سقط الفعل (تساوقَ)- ضمن ما سقط- من بحثي: دلالة تفاعل لغير الاشتراك بين دعوى القلة وكثرة الاستعمال؛ فأرجو ن تكون الإشارة هنا إصلاحًا لما فسَد هناك.

([14]) من منشورات مجلة مجمع اللغة العربيَّة بدمشق.

([15]) الظاهرة القرآنية ص21، 29، 34، 50.

([16]) راجع: خطأ لغوي في ديوان شوقي- د.محمد جمعة الدِّربيّ ص599.

([17]) العربية الصحيحة- د.أحمد مختار عمر ص202.

([18]) فتح الباري لابن حجر العسقلانيّ (حديث6502) جـ17/319.

([19]) صحيح مسلم (حديث2607) جـ4/2013، وراجع فتح الباري (حديث 6094) جـ10/507.

([20]) برنامج شاكر لكتاب طبقات فحول الشعراء ص11.

([21]) جمهرة مقالات الأستاذ محمود محمد شاكر جـ2/880.

([22]) كذا بالدَّال في ديوان المعاني للعسكري جـ2/66. وجدل الطعان هو علقمة بن فِراس بن غَنْم بن مالك بن كنانة، وقيل: هو عمير بن قيس أحد بني فِراس بن غَنْم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة، والأشهر في اسمه جِذْل- بالذال المعجمة- لثباته في الحرب كأنه جَذْل شجرة واقف؛ راجع: تاج العروس للزبيديّ (ج ذ ل) جـ28/198.

([23]) والصواب (يتدارسه).

([24]) حق التضعيف أن يكون على الدال لا العين.

([25]) كذا! ولو قيل: (أوضح في الدليل)؛ لكان الكلام أكثر وضوحًا.

([26]) لا معنى لإقحام الواو!

([27]) يجب الفصل بين لا النافية واسمها، ومثله (لاشك)ص44، (لاسيما) ص45، ويجب كذلك الفصل بين ما الموصولة  وما بعدها مثل(مالا تشك)، و(مالا ترتاب) ص59، (وماله من علو الشأن) ص60!

([28]) الصواب (مشكلة)؛ فانظر إلى آثار السرعة!

([29]) الأفضل (مستكنَّة) بمعنى مستترة.

([30]) الصواب: تربدّ سَحنتُه؛ أي: تتغيَّر هيئتُه.

([31]) الصواب (السلاسة).

([32]) انظر أيَّ تكرار للخطأ!

([33]) الظاهرة القرآنية ص24، 28، 34، ،41،43-45، 47، 59- 60.

([34]) وهذا يثير الشكوك في جميع طبعات الهيئة العامة لقصور الثقافة! راجع مثلًا ص42، 43 ، 67 وقارن بسائر الطبعات. وهناك علامات ترقيم في غير موضعها مثل ص50.

([35]) وكذا في طبعة مجلة الأزهر ص27.

([36]) وكذا في طبعة مجلة الأزهر ص35.

([37]) راجع: رسالة في الطريق إلى ثقافتنا- محمود محمد شاكر ص24، ومثله في: المتنبي، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا.

([38]) الظاهرة القرآنية ص47، وتجلجل بمعنى تحرَّك.

([39]) شرح أشعار الهذليِّين للسكري ص16، ومما ذكره منذر محمد سعيد أبو شعر للشيخ شاكر تصحيح واستدراك لكتاب ذيل زهر الآداب للحصري (ت453ه)، راجع : معجم محمود محمد شاكر ص10.

([40]) ويمكن تطبيق الفكرة على تصدير شاكر لكتاب (تاريخ الدعوة إلى العاميَّة وآثارها في مصر) الذي صدر في طبعات متعددة منها طبعة دار الفاروق وطبعة دار الإمام الشافعيّ بالقاهرة.

 

اقرأ أيضًا:

أرجوزة في العلل والزحافات

رسالة في استثناء {إلا ما شاء ربك}

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى